قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالى في قِصَّة مُوسى مع فِرعونَ:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} فِرعونُ هو مَلِك مِصرَ؛ قيل: إنه اسمُ شَخْص، أو إنه عَلَم شَخْص، وقيل: إنه عَلَم جِنْس، فإذا قلنا: إنه علَم شَخْص صار اسمًا لشَخْص مُعيَّن، وإذا قلنا: إنه علَم جِنْس صار اسمًا لكل مَن ملَك مِصرَ كافِرًا.
وهذا هو الذي عليه الأكثَرُ؛ لكن فِرعونَ موسى عَلَم شَخْص وعلَم جِنْس أيضًا:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} هامانُ وزيرُه، وقوله:{ابْنِ لِي صَرْحًا} يَعنِي: مُرْ مَن يَبني لي ذلك؛ لأنه من المَعلوم أنَّ الوَزير لن يُباشِر بِناء الصَّرْح، {صَرْحًا} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بِناءً عاليًا] يَعنِي: رفيعًا.
وقوله:{لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ}(لعَلَّ) هنا للتَّعليل، وهي تَأتِي للتَّعليل تارة وللإِشْفاق تارة، وللتَّرجِّي تارةً؛ فمِن مجَيئها للتَّعليل هذه الآيةُ، وقوله تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[يوسف: ٢] هذه للتَّعليل، وكلَّما جاءَت (لعَلَّ) في حَقِّ الله عَزَّ وَجَلَّ فإنها للتَّعليل؛ لأنَّ الربَّ عَزَّ وَجَلَّ لا يَتَرجَّى إذ إنَّ كل شيء عليه هَيِّن،