للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتَأتِي للإِشْفاق؛ مِثل: أن تَقول: لعَلَّ الحَبيبَ هالِكٌ. يَعنِي: أَخشَى أن يَكون هالِكًا.

وتَأتِي للتَّرجِّي: مثل: حضَرْت إلى الدَّرس فلعَلِّي أَفهَمُ، لو قلت: لعَلِّي أَفهَم؛ احتَمَل أن تَكون للتَّعليل، فإذا قلت: فـ (لَعلِّي) صارَت للتَّرجِّي، وتَكون أيضًا للتَّوقُّع، كما لو قُلت لشَخْص تُخاطِبه: لعَلَّك فاهِمٌ.

وهذه المَعاني التي تَأتِي للحروف بَلْ وللأسماء أيضًا وللأَفْعال، إذا كانت مُتعَدِّدة فالذي يُعيِّنها السِّياق وقَرائِن الأحوال.

قال: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} الأسباب جَمْع سبَب، وهو كل ما يُوصِل إلى المَقصود، فالسبَب وَسيلة والمُسبَّب غاية، والأَسباب هنا بيَّنها بقوله: {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} فـ {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} محَلُّها مِمَّا قبلَها عَطْف بَيان، تُبيِّن الإبهام المَوْجود في الأسباب.

فإن قال قائِل: لماذا لم يَقَع الكَلام مُبيَّنًا من أوَّل الخِطاب، فيُقال: لعلِّي أَبلُغ {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ}؟

قلنا: إن الإبهام أوَّلًا، ثُم التَّفْصيل والبيان ثانيًا؛ أَوقَعُ في النَّفْس؛ لأن الشيء إذا جاء مُبهَمًا ثُم بُيِّن صار للبَيان وَقْع عند تَشوُّف النَّفس لمَعرِفة هذا المُبهَمِ؛ يَعنِي: لو جاء الكَلام مُبيَّنًا من أول الأمر لكان سهلًا على النفوس، لكن إذا جاء أوَّلًا مُبهَمًا تَشوَّفتِ النفس لمَعرِفة هذا المُبهَمِ، ثُم جاء البَيان والنَّفس مُستعِدَّة لقَبوله مُتشوِّفة إلى الوصول إليه.

قوله: {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [طُرُقها المُوصِّلة إليها {فَأَطَّلِعَ} بالرَّفع عطفًا على (أَبلُغ) وبالنَّصْب جوابًا لـ (ابْنِ) يَعنِي: أنَّ فيها قِراءَتَيْن سَبْعيَّتين

<<  <   >  >>