للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"فأَطَّلِعُ"، {فَأَطَّلِعَ}، أمَّا على قِراءة الرَّفْع؛ فإنها مَعطوفة على (أَبلَغ) يَعنِي: لعَلِّي أَبلُغ الأسباب، فلَعلِّي أَطَّلِع. وأمَّا على قِراءة النَّصْب؛ فإنَّها وقَعَت جوابًا لـ (ابْنٍ) و (ابْنِ) فِعْل أمر، وفِعْل الأمر يَقَع جوابه إذا كان مَقرونًا بالفاء بالنَّصب (فأَطَّلِع) فتكون الفاء هنا للسَّبَبية.

واعلَمْ أنَّ القِراءَتَيْن الوارِدَتَيْن في القُرآن الكريم هما أحَدُ الحُروف السَّبْعة التي نزَل القُرآن عليها؛ فإن القُرآن أُنزِل على سَبْعة أَحرُف، ولمَّا كان في زمَن عُثمانَ - رضي الله عنه - أَمَر أن يُجعَل القُرآن على حَرْف واحِد هو حَرْف قُرَيْش؛ يَعنِي: لغتها؛ فهذه القِراءاتُ المَوْجودة ليسَت هي الأَحرُف السَّبْعة، بل هي على حَرْف واحِد. هذا واحد.

الثاني: اعلَمْ أنَّ القِراءَتَيْن كِلْتاهما صحَّتْ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّها نُقِلَت بالتَّواتر.

الثالث: اعلَمْ أنه لا يَنبَغي للإنسان أن يَقرَأ بين العامَّة بقِراءة تُخالِف ما في أيديهم من المَصَاحِف؛ لأن ذلك يُوجِب التَّشويش والارتباك، واتِّهام القارِئ، ورُبَّما تَهبِط عظَمة القُرآن في نفوسهم بسبَب هذا الاختِلافِ. أمَّا فيما بينك وبين نَفْسك فالأفضَلُ أن تَقرَأ بهذا تارةً، وبهذا تارةً؛ بشَرْط أن تَكون عالمًا غير مُتخَبِّط، وإنما قُلنا: هذا هو الأَفضَل لأن كُلًّا من القِراءَتَيْن قد قرَأ به النَّبيُّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فيَكون هذا مِثل العِبادات الوارِدة على وُجوهٍ مُتنوِّعة؛ كالاستِفْتاحات والتَّشهُّد وما أَشبَه ذلك؛ لكن هذا بينك وبين نَفْسك، أو في مَقام التَّعليم إذا كُنت تُعلِّم طلَبة.

قوله: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} يَعنِي: أَصِلَ إليه وأَنظُر هل هذا حقٌّ أو غير حقٍّ؛ ثُم استَدْرَك خوفًا من أن يَقول أحدٌ من جُنوده: إنه حَقٌّ. فقال: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا}.

<<  <   >  >>