قال تعالى:{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} أَرسَله الله بالآيات؛ فقالوا: ساحِر كذَّاب. قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} بالصِّدْق] {مِنْ عِنْدِنَا}: من عِند الله عَزَّ وجلَّ وهو الوَحيُ، حينما قال موسى عَلَيه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إنَّ الله هو ربُّكم، وإن الله واحِد، وما أَشبَه ذلك ممَّا جرَت فيه المُحَاوَرة بينه وبين فِرْعَونَ، وهذا مَذكور في سورة الشُّعَراء، وفي سورة الإِسراء وغيرهما.
{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} الذي عجَزوا أن يُقابِلوه بالحُجَّة الداحِضة، تَوعَّد فِرعونُ موسى فقال:{لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ}[الشعراء: ٢٩] , وهذا وَعيد، شيء آخَرُ قالوا:{اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا}[غافر: ٢٥] , قال المفَسّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[استَبْقوا]{نِسَاءَهُمْ} وعلى هذا فيَكون القَتْل لأبناء بني إسرائيلَ، واستِحْياء النِّساء يَكون وقَع مرَّتَيْن؛ المرة الأُولى قبل أن يُبعَث موسى، والمرة الثانية بعد أن بُعث.
{قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ}؛ لئلاّ يَبقى لهم شَوْكة، ولتَزول هَيْبتهم؛ لأنه إذا لم يَبقَ إلَّا النِّساء فالنِّساء ضَعيفات، لا يَدفَعْن عن