الْفَائِدَةُ الأُولَى: أنَّ الكُفَّار يُجادِلون في آيات الله، لقوله تعالى:{مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا}.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: حِرْص الكُفَّار على إبطال الْحَقِّ بالمُجادَلة والمُجالَدة، فالمُجادَلة كما في الآية، والمُجالَدة: إذا عجَزوا عن إبطال الْحَقِّ بالجدَل أَبطَلوه بالقِتال، كما في آيات أُخرى.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الحذَر من مجُادَلة الكُفَّار، إذا كانَ ليسَ عِند الإنسانِ سِلاح، أي: لا تَدخُل مع الكُفَّار في جدَل إذا لم يَكُن لدَيْك سِلاح، لأنك سَوْف تُهزَم، وهَزيمتك ليسَتْ هَزيمة شَخْصية لكنها هَزيمة للإسلام.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّه يَنبَغي لنا أن نَعرِف مَعايِب الكُفَّار وأقوالهم حتى يُمكِننا أن نُجادِلهم؛ لأنَّ الجَدَل كما قلنا فيما سبَق: المُنازَعة، كل واحد يُنازع الآخَر ليَفتِل كلامه أمامَه حتى يَشتَدَّ عليه، فلا بُدَّ أن تَعرِف ما هم عليه من الباطِل من أَجْل أن تُحاجَّهم فيه، يَعنِي: لا يَكفِي في مجُادَلة الكُفَّار أن تَعرِف الحقَّ الذي أَنْت عليه، بل لا بُدَّ أن تَعرِف الباطِل الذي هَمَّ عليه.
والله عَزَّ وَجَلَّ يُجادِل الكُفَّار بمِثْل هذا يَقول:{آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}[يونس: ٥٩]، والآياتُ في هذا كثيرة، اعْرِفْ ما عند عَدوِّك من الباطِل من أَجْل أن تَدْحَض حُجَّته.
فإن قال قائِل: كَيفَ نَجمَع بين هذه الآية الكَريمةِ التي ذكَر الله فيها أنه لا يُجادِل في الآيات إلَّا الكُفَّار، وبيَّنَ قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ