الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيانُ أن الكافِرين يُوبَّخون يوم القِيامة تَوْبيخا يَزيدهم ألمًا إلى أَلَمِهم؛ لقوله:{لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ}.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنهم تَبيَّن لهم ما هم عليه من الضَّلال والكُفْر حين رأَوُا العِقاب، وجهُه: أنهم مقَتوا أَنفُسهم في ذلك الوقتِ حين رأَوُا العَذاب، وهذا يَدُلُّ على أنهم تَبين لهم الضَّلال في ذلك اليومِ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات المَقْتِ لله؛ أي: أن الله يَمقُت. أي يُبغِض. هذا على ما مَشَى عليه المفَسِّر من أن (مَقْت) مُضافة إلى الفاعِل.
وإذا قُلنا بالقَوْل الراجِح: لم يَكُن في الآية دليلٌ على أن الله يَمقُت، لكن الدَّلالة على أن الله يَمقُت وأن له مَقْتًا من أدِلَّة أخرى، مثل قوله تعالى:{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف: ٣]، والمَقْتُ: أشَدُّ البُغض، والبُغْض هو من الصِّفات الفِعْلية التي تَتَعلَّق بمَشيئته وإرادته.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الإنسان قد يَكرَه نَفْسه، ويَكون ذلك إذا رأَى من تَصرُّفه ما يَسوؤُه، فإنه يَكرَه نفسه وَيقول: هذا من النَّفْس الأمَّارة بالسُّوء.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن الحُجَّة قد قامَت على هؤلاء المُكذبين المُعذَّبين؛ لقوله:{إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}، وهل الدَّعْوة دَعْوة بإفهام أو دَعْوة بمُجرَّد البَلاغ؟
الجواب: الأوَّلُ؛ دَعْوة بإفهام؛ لقول الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[إبراهيم: ٤]، فلا بُدَّ من فَهْم الحُجَّة، ولكن إذا بلَغَتِ الإنسانَ فالواجِبُ عليه أن يَبحَث عن الفَهْم، فإن لم يَفعَل كان مُقصِّرًا.