للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متى مَقَتوا الله؟ الجواب: {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ} وعلى هذا فيَكون قوله: {إِذْ تُدْعَوْنَ} مُتعلِّقًا بقوله: {لَمَقْتُ اللَّهِ}، أي: أَنَّكم حينما دُعِيتم إلى الإيمان كرِهتم ذلك، ولم تَقتَنِعوا به، بل أَبغَضْتُموه أشدَّ البُغْض.

وقوله: {أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} مَقَتوا أنفسهم حين قيل لهم: ادخُلوا نار جهَنَّمَ، فأَبغَضوا أَنفُسَهم، وقوله: {مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} مَقْت هنا مَصْدر مُضاف إلى فاعِله، يَعنِي: أنَّهم هم مَقَتوا أَنفُسهم، وأَنفُس مَفعول مَقْت.

وقوله: {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} تُدعَون في الدُّنيا إلى الإيمان، وأُبهِم الداعِي؛ لأن دَعْوتهم إلى الإيمان تَكون من الرُّسُل، وتَكون من ورَثة الرُّسُل، وهُم العُلَماء، فالداعِي لهم إلى الإيمان في الدُّنيا ليس واحِدًا، بل هُمُ الرُّسل يَدعونهم، وورَثة الرُّسُل وهم العُلَماء يَدْعونهم كذلك.

وقوله: {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}، الإيمان بالله، ومَلائِكته، وكُتُبه، ورُسُله، واليوم الآخِر، والقدَر خَيرِه وشَرِّه، هذا هو الإيمان كما فسَّره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حين سأَله جِبريلُ قال: "أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ؟ قالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ ... " إلى آخِره (١).

فقوله: {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} المُراد بالإيمان هنا - كما ذكَرْت لكم - هو الإيمان بالأركان السِّتَّة، وكذلك الانقِياد اللازِم من الإيمان بهذه الأَرْكانِ السِّتَّة؛ ولهذا هم دُعُوا إلى الإيمان الذي في القُلوب، ودُعُوا إلى الاستِسْلام أيضًا وهو أعمال الجَوارِح، وكفَروا بذلك كلِّه، {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}.


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام، رقم (٨)، من حديث عمر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>