قال الله عَزَّ وَجَلَّ:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ}؛ هَذه الجُملةُ {وَلَقَدْ آتَيْنَا} مُؤكَّدة بثَلاثة مُؤكِّدات: الأوَّل: القِسْم الَّذي دلَّتْ عليه اللَّام. والثاني: اللَّام. والثالِث: قَدْ. وهذه الصِّيغة تَأتِي في القُرآن كثيرًا.
وقوله:{آتَيْنَا} بمَعنَى: أَعطَيْنا، يُقال: أَتَيْنا. ويُقال: آتَيْنا. أَتَيْنا بمَعنى: جِئْنا، وآتَيْنا بمَعنَى: أَعطَيْنا، وهي تَنصِب مَفعولين ليس أَصلُهما المُبتَدَأَ والخَبَرَ، المَفعول الأوَّل هنا موسى، والثاني الهُدَى، موسى هو ابنُ عِمرانَ أحَدُ أُولى العَزْم الخَمْسة، وهم: محُمَّد، وإبراهيمُ، وموسى، ونوحٌ، وعِيسى.
وقوله:{الْهُدَى}؛ أي: ما به الهُدى، وهذا يَشمَل الهُدى الذي أُوتِيَه حتى اهتَدَى، والهُدَى الذي يَهتَدِي به الناس فيَكون موسى عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هادِيًا مَهدِيًّا.
قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[التَّوْراة والمُعجِزات]، أمَّا التَّوْراة فظاهِر أنه هُدًى؛ لأنها كِتاب شَرعيٌّ فيه الهُدَى، وأمَّا المُعجِزات - والصواب أن يُقال: البَيِّنات أو الآيات - فإنها هُدًى؛ لأنه يَهتَدِي به الناس، إذ إن الناس إذا رَأَوُا الآياتِ اهتَدَوْا.