للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيتان (٦٢، ٦٣)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [غافر: ٦٢ - ٦٣].

وقوله: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} هذه الجُمْلة نُريد أن نُعرِبها أوَّلًا (ذا) لا شَكَّ أنها مُبتَدَأ، واللَّام للبُعد، والكاف للخِطاب، والميم للجَمْع. {اللهُ} هل نَقول: إنها بَدَل، أو عَطْف بَيان من اسم إشارة، أو أنها خَبَر؟ الظاهِر أنها الأوَّل {رَبُّكُمْ} خبَر المُبتَدَأ، و {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} خبَر آخَرُ؛ لأن الخبَر يَتَعدَّد؛ إذ إن الخبَر وَصْف للمُخبَر عنه، وإذا كان وَصْفًا له فالأَوْصاف يَجوز أن تَتَعدَّد، قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: ١٤ - ١٦] خمسة أَخبار، فالخَبَر يَتَعدَّد؛ لأن الخبَر وَصْف للمُخبَر عنه، فإذا قلت: زَيْد قائِمٌ. مَعناه وَصْف القِيام، والأَوْصاف يَجوز أن تَتَعدَّد على مَوْصوف واحِد.

إِذَنْ نَقول: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} خبَر ثانٍ {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} لا يَشِذُّ عن هذه الجُملةِ شيء أبَدًا، كُلِّية عامة خالِق كل شيء من العَيان والأَوْصاف والأحوال، كل شيء فالله خالِقه من الأعيان والأَوْصاف والأَحْوال، العبد مَخلوق، أحوال العَبْد من مرَض وصِحَّة ومرَض وجُنون، وما أَشبَه ذلك مَخلوقة، أَفعاله

<<  <   >  >>