للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عَزَّ وَجَلَّ - وهُمُ الأصنام هنا، قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [وهُمُ الأصنام] وكان مُقتَضى اللُّغة العرَبية أن يَقول: وهي الأَصْنام؛ لأنَّ الجَمْع لغير ما يَعقِل لا يَعود عليه ضَمير ما يَعقِل، و (هم) للعُقَلاء، ولكن المفَسِّر عدَل عن الأصل، وهي الأَصْنام لمُراعاة قوله: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ} و (الذين) هذه للعاقِل، وذلك أن الله تعالى جعَل هذه المَعبوداتِ نزَّلها مَنزِلة العُقَلاء، ومع كونها مُنزَّلة مَنزِلة العُقَلاء لا تَقضِي بشيء.

قوله: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} [غافر: ٢٠]، ولم يُقابِل هذه الجُملةَ بالجُمْلة التي قَبلَها، بل جعَلَها أعَمَّ، في الجُمْلة الأُولى قال: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ}، وهنا قال: {لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} ولم يَقُل: لا يَقضُون بالحقِّ، إشارة إلى أنها لا تَقضِي لا بحَقٍّ ولا بباطِل؛ فلَيْسَت أهلًا لأنَّ تُعبَد من دون الله - عَزَّ وَجَلَّ -، لا يَقضون بشَيْء أبَدًا، لا شَرْعٍ، ولا قدَرٍ، ولا حقٍّ، ولا باطِلٍ.

قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [{لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} فكيف يَكونون شُرَكاءَ لله؟ ! ] هذا مَحَطُّ النَّفْي، يَعنِي: إذا كانت هذه الأصنامُ لا تَقضِي بشيء فكيف تُجعَل شَريكةً لله؟ ! وهذا يَعنِي: تَوْبيخ هؤلاءِ الذين يَعبُدون هذه الأصنامَ من دون الله.

قال المفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ -: [{إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ} لأَقْوالهم {الْبَصِيرُ} بأَفْعالهم]، و (هو) في قوله: {هُوَ السَّمِيعُ}، يَجوز أن تَكون ضَميرَ فَصْل، ويَجوز أن تَكون مُبتَدَأ، والجُمْلة خبَر (إن)، لكن هي ضَمير فَصْل أحسَنُ منها مُبتَدَأ.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: إثباتُ أن قَضاء الله تعالى كلُّه حَقٌّ، لقوله: {يَقْضِي بِالْحَقِّ} سواءٌ كان القَضاء كونيًّا أم شَرْعيًّا.

<<  <   >  >>