قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالى:{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} الجُمْلة {اللهُ} مُبتَدَأ، و {الَّذِي} خبَرُه يَعنِي: الله هو الذي {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} إلى آخِرِه {جَعَلَ لَكُمُ} هذه من أفعال التَّصْيير؛ أي: صيَّر لكم، و {قَرَارًا} بمَعنَى: ذات قَرار؛ أي: مُستَقَرٍّ و {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}؛ أي: فوقُ، وقد بيَّن الله تعالى في آية أخرى أنه سَقْف، فالله جعَل الأرض قَرارًا، أي: مُستَقرَّة.
وهل مَعنَى هذا القَرارِ أنها لا تَتحرَّك أو أنها لا تَميد بنا؟
يُقال: القُرآن يُفسِّر بعضُه بعضا فقد قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا}[النحل: ١٥]، فبيَّن أن المُراد بالقَرار أنها لا تمَيد بساكِينها؛ أي: لا تَضطَرِب، وليس المَعنَى أنها قارَّة لا تَتَحرَّك، كما سيَأتِي -إن شاءَ الله- في الفَوائِد.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}؛ أي: سقفًا عالِيًا، والمُراد بالسَّماء هنا أي: السمَوات ذات الأجرام، وذلك؛ لأن السماء يُطلَق على مَعنيَيْن، المعنى الأوَّل العُلوُّ،