ثُم قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} رضي الله عن هذا الرجُلِ، خوَّفهم أوَّلًا بالعُقوبة الدُّنيوية؛ حين قال:{إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} ثُم خوَّفَهم من العُقوبة الأُخْروية، فقال:{وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [بحَذْف الياء وإثباتِها]"التَّنادِى" هذا إثباتُها، (التّنادِ) هذا حَذْفها، أمَّا إثباتها فعلى الأَصْل، وأمَّا حَذْفها فللتَّخفيف، والياء دائِمًا تُحذَف للتَّخفيف قِراءةً، مثل قول الله تعالى:{فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}[الأنبياء: ٣٧] أَصلُها: تَستَعجلونِي، وليسَت النُّون هنا نونَ الرَّفْع؛ لأنَّها مَكسورة فهي نون الوِقاية، وحُذِفت الياء تَخفيفًا.
وقوله:{وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} كلِمة {يَوْمَ} هنا هل هي ظَرْف مَنصوبة على الظَّرْفية، والتَّقدير: إني أَخاف عليكم العَذاب يومَ التَّنادِ، أو أنَّ الفِعْل مُسَلَّطٌ عليها فهي مَفعولٌ به؟ الثاني؛ لقوله تعالى:{يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}[النور: ٣٧].
فجعَل الخَوْف مُسلَّطًا على {يَوْمَ}؛ لأن يوم تَصْلُح أن تكون مَفعولًا فيه، وأن تَكون مَفعولًا به، وأن تَكون مُبتَدَأ، وأن تَكون خَبَرَ مُبتَدَأ تَتَصرَّف.