للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر: ٥٢] إلى آخره، موضع {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ} مِمَّا قَبْلُ نَقول: هي بَيان يَعنِي: عَطْف بَيان من قوله: {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: أن الظالمِين لا يَنفَعُهم العُذْر ولا الاعتِذار يوم يَقوم الأَشْهاد؛ لقوله: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن الكافِرين ظلَمةٌ، وهو كذلك، والشِّرْك بالله أَظلَمُ الظُّلْم، كما قال النبيُّ عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حين سُئِل أيُّ الذَّنْب أَعظَمُ؟ قال: "أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" (١)؛ وهذا حقٌّ، فالذي خَلَقك وأَعَدَّك وأَمدَّك ثُم تُشرِك به، هذا أَظلَمُ ظُلْم، إن الإنسان لو أَهدَى إليه شَخْص عشَرة ريالاتٍ لاستَحْيَى أن يَناله بسوء، فكيف بمَن أَهدَى إليك حياتَك كلَّها، كيف تُشرِك به وتَكفُر به؟ ! إِذَنْ هو -أَعنِي: الشِّرْك- أَظلَمُ الظُّلْم.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الكافِرين يوم القِيامة يَعتَذِرون، ولكن لا يُقبَل؛ لقوله: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ}.

فإن قال قائِل: كيف الجَمْع بين هذه الآيةِ وبين قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: ٣٥ - ٣٦]؟


(١) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، رقم (٤٤٧٧)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده، رقم (٨٦)، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>