للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٢)]

* * *

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [غافر: ٢٢].

* * *

قال الله تبَارَكَ وَتَعَالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} ذلك المُشار إليه أَخْذ الله تعالى إيَّاهم بذُنوبهم، فهذه الذُّنوبُ أنه {كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} , قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بالمُعجِزات الظاهِرات] {تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ} جمع رَسول، والرَّسول لكل أُمَّة كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [النحل: ٣٦] , والرُّسُل جاؤُوهم بالبَيِّنات، قال المفَسِّر: [بالمُعْجِزات] والصوابُ أن يُقال: بالآيات؛ لأن الله تعالى يُعبِّر عنها هكذا: {آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} والمُراد بالآيات ما يُؤمِن على مِثْله البشَر، وهي نَوْعان: حِسِّية ومَعنَوية وخَلْقية وخُلُقية، كلُّها آياتٌ بَيِّنات، ظاهِرة واضِحة قال النَّبيُّ- صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: "مَا بَعَثَ الله نَبِيًّا إِلَّا آتاهُ مِنَ الْآيَاتِ مَا عَلَى مِثْلِهِ يُؤْمِنُ الْبَشَرُ" (١).

والحِكْمة من هذه الآياتِ أنَّ البشَر لا يُمكِن أن يَقبَلوا دعوةً من شخص عاش بينهم، يَعرِفونه فيَأتِي وَيقول: إنَّه نَبيٌّ أو إنه رَسول، فلا بُدَّ من آيات تَدُلُّ على صِدْقه،


(١) أخرجه البخاري: كتاب الاعتصام، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت بجوامع الكلم"، رقم (٧٢٧٤)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس، رقم (١٥٢)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>