لمَّا بيَّن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه أَرانا آياتِه الكونيةَ والشَّرْعية، أمَرَنا أن نَدعوَه وحدَه مخُلِصين له الدِّين.
فقوله:{فَادْعُوا اللَّهَ} هو قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [فاعبُدوه] وهذا أحَدُ مَعنيَيْن: الدعاء، والمعنى الثاني: دُعاء المَسأَلة، يَعنِي: اسأَلوه. والصوابُ: أنه شامِل للأَمْرين؛ أي: دُعاء المَسأَلة، ودعاء العِبادة، فالعِبادة تُسمَّى دُعاء كما في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)} [غافر: ٦٠]، قال:{ادْعُونِي} ثُمَّ قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}.
وأمَّا دُعاء العِبادة: فإن كل إنسان يَدعو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإنه لا يَدْعوه إلَّا وهو يُؤمِن أنه بكل شيءٍ عَليم، وأنه على كل شيء قَدير؛ فلهذا دَعاه، فصار بذَلِك عابِدًا له.
وقوله:{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}{مُخْلِصِينَ} حال من الواو في قوله: {فَادْعُوا اللَّهَ}، والإخلاص: التَّنْقية، فتَنْقية الشيء تُسمَّى إخلاصًا، والمَعنَى: نَقُّوا دِينكم من الشِّرْك.