للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا قلنا: للتَّعظيم يَكون المَعنى: {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} أي: فما أَعظَمَ عِقابي، وأَشَدَّه حيث أَزالَهم عن آخِرهم! .

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: أن الله تعالى أَعذَر إلى الخَلْق بإِرْسال الرُّسُل مُبشِّرين ومُنذِرين؛ لئَلَّا يَكون للناس على الله حُجَّة بعد الرُّسُل؛ لقوله: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ}، وهذا يَدُلُّ على أن هناك قَوْلًا قاله الأنبياء فكذَّبه هَؤلاءِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن نُوحًا هو أوَّلُ الرُّسُل؛ لقوله: {وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ}، فجعَلَ الأحزاب المُكذِّبين كلهم من بعد قوم نُوحٍ، وهذا يَدُلُّ على أنَّ نوحًا هو أوَّلُ الرُّسُل، وهذا أمر مَعلوم مُتقرِّر في عِدَّة آيات وفي الأحاديث أيضًا، وبه نَعلَم أن مَن زعَم أن إدريسَ قبل نُوحٍ فإنه خاطِئ، ولا وَجهَ لقوله.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: بَيانُ ما تَنطَوِي عليه صُدور المُكذِّبين للرُّسُل من الهَمِّ بقَتْلهم، يَعنِي أنَّ المُكذِّبين للرُّسُل لم يَقتَصِروا على أن يُكذِّبوا فقَطْ، بل همُّوا بالقَتْل، والقَتْل والاغتِيال وما أَشبَهَ ذلك هو سِلاح العاجِز، وكذلك السَّجْن هو سِلاح العاجِز؛ ولهذا قال فِرعونُ لمُوسى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء: ٢٩]، وقال أبو إبراهيمَ (آزرُ) {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: ٤٦].

فالسَّجْن والقَتْل والاغتِيال والسَّبُّ والشَّتْم كله سِلاح العاجِز؛ لأنَّ القادِر على دَفْع الحُجَّة هو الذي يَدفَع الحُجَّة بمِثْلها بحُجَّة، أمَّا أن يَستَعمِل سُلْطته فهذا يَدُلُّ على عَجْزه.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثبات الأسباب؛ لقوله: {فَأَخَذْتُهُمْ} لأنَّ الفاء للسَّبَبية،

<<  <   >  >>