ثُم قال هذا الرجُلُ الذي آمَنَ: {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١)}.
هذا استِفْهام تَعجُّب وإنكار، كأنه يَقول: عجَبًا لكم أَدعوكم إلى الجنَّة وتَدْعونَني إلى النار! وهذا والله مَحَلُّ عجَب، مَحَلُّ العَجَب أن تَدعوَ رجُلًا إلى الجنَّة وهو يَدعوك إلى النار، فتَأتِي إلى رجُل تَقول: يا فُلانُ اترُكْ شُرْب الخمْر، شُرْب الخمْر حرام، ولا يَجوز، من شُرْبه في الدنيا لم يَشرَبْه في الآخرة، هو أُمُّ الخبائِث مِفتاح كلِّ شَرٍّ، فيقول لك: يا ولَدُ لذَّةٌ وطرَب وأُنس وسُرور، اشرَبْ حتى تَرَى، إذا شرِبْت كأنَّك ملِك الملوك، ثُم يُرغِّبك، ثُم يَقول له أيضًا يُمَنِّيه يَقول: اشرَبْ. وإذا شرِبْت وحصَلَت لك اللَّذَّة والطرب، فاستَغفِرِ الله، الباب مَفتوح، فالأَحَقُّ بالإجابة الأوَّل دون الثاني.