للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} هذه الجُملةُ جُملةٌ إنشائِية يُراد بها الذَّمُّ، ويُقابِل هذا في المَدْح: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} {فَبِئْسَ} هنا فِعْل إنشائِيٌّ يُراد به الذَّمُّ، والمَعنى: أن هذه الدارَ كلُّها ذَمّ كلُّها بلاءٌ؛ ولهذا وُصِفت بأنها {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: إهانةُ الكُفَّار، وهو عَذاب قَلْبيٌّ؛ لأن العَذاب القَلبيَّ قد يَكون أشَدَّ من العَذاب البدَنيِّ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن لجهنَّمَ أبوابًا؛ لقوله: {أَبْوَابَ} وقد جاء في القُرآن الكَريم: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: خُلود أهل النار فيها؛ لقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا} والصواب الذي لا شَكَّ فيه أن الجلود مُؤبَّد للآيات الثلاث التي سُقْناها قبلَ قَليل.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: تَناوُل القَدْح على نار جَهنَّمَ؛ لقوله: {فَبِئْسَ مَثْوَى}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: التَّحذير من التَكبُّر؛ لقوله: {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}؛ ولهذا قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا يَدْخُلُ الجَنّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ" (١) فالكِبْر - والعِياذُ بالله - سبَب لدُخول النار.

لكن قد يَكون سبَبًا لدُخولها مع الخُلود، وقد يَكون سبَبًا لدُخولها للتَّطهير فقَطْ، فإن كان هذا التَّكبّرُ تَكبُّرًا عن الحقِّ ورَدًّا له فهذا سبَب لدُخول النار على


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، رقم (٩١)، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>