للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لجُوئه إلى الله، لأن المُضْطَرَّ صادِق اللُّجوء إلى الله.

الحال الثانية: إذا كان مَظلومًا فإنها تُقبَل دَعْوته على ظالمِه، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ فَإِنَّها لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الله حِجَابٌ" (١)، وهذا وإن كان يُخاطِبه في قوم أَسلَموا لكنها عامَّة، وإنما أُجِيبت دَعوة الكافِر إذا كان مَظلومًا؛ إقامة للعَدْل؛ لأن الله لم يُجِبِ الكافِر مَحبَّة له، ولكِن إقامة للعَدْل؛ لأنه الآنَ هُناكَ خَصْمان مَظلوم وظالِمٌ، فلإقامة العَدْل يَستَجيب الله تعالى لدَعْوة الكافِر.

من فوائِدِ الآيتين الكريمتين:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيان شِدَّة حَسْرة أهل النار؛ لقوله: {يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن أهل النار يَتَحاجُّون ويُحاجُّون أيضًا، يَتَحاجُّون فيما سبَقَ فيما بينهم، وكذلك يُحاجُّون غيرهم، أو يَسأَلون غيرهم؛ لقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: بَيانُ إحكام الله عَزَّ وَجَلَّ لمَخْلوقاته كما أَحكَم مَشروعاتِه، حيث جعَل للنار خزَنة يَحفَظونها وَيقومون عليها.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: شِدَّة خجَل أهل النار من مخُاطَبة الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّهم تَوسَّلوا بقول الخزَنة أن يَدْعوا ربَّهم ولم يَقولوا: ادْعُوا ربَّنا. هذا يَدُلُّ على أن هذا بعدَ أن قال الله لهم: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء، رقم (١٤٩٦)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، رقم (١٩)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>