{قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}؛ أي: دون شُرَكائنا ودون ما كُنَّا نَعبُده، وهذا غاية الإِخْلاص، ثُم أَكَّدوا هذا بقولهم:{وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ}{بِمَا} الباء حَرْف جَر مُتعَلِّقة بـ {وَكَفَرْنَا}، و {بِهِ} يُحتَمَل أن تَكون للسبَبية؛ أي: بما كُنَّا بسبَبه مُشرِكين، وأن تَكون مُتعَلِّقة بـ {مُشْرِكِينَ} تَعلُّق الجارِّ بعامِله، المَعنى: أنهم لمَّا رأَوْا عَذاب الله آمَنوا، ولكن هل يَنفَعُهم هذا الإيمانُ؟ لا، إن فِرعونَ لمَّا غرِقَ وأَدرَكه الغَرَق قال:{آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}[يونس: ٩٠]، ولكن قيل له:{آلْآنَ} يَعنِي: أَتُؤمِن الآنَ؟ ! {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}، فلَمْ يَنفَعه إيمانُه، وقال الله تعالى:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}[النساء: ١٨]، هذا لا تَنفَعه التَّوْبة؛ لأنه رأَى وشاهَدَ، شاهَدَ ما كان غَيْبًا يَكفُر به، والإيمان عن مُشاهَدة لا يُفيد؛ لأن