للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٦٧)]

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [غافر: ٦٧]

قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} إلى آخِره {خَلَقَكُمْ} أي: ابتَدَأ خَلْقَكم، والخَلْق بمعنَى: الإيجاد مع التَّقدير، قال الشاعِرُ:

فَلَأَنْتَ تَخْلُقُ مَا تَقُولُ وَبَعْضُ ... النَّاسِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي (١)

فهو إيجاد بتَقدير.

{مِنْ تُرَابٍ} قال المفَسّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بخَلْق أبيكُم آدَمَ مِنه]، فالأصل أنَّنا من تُراب من هذه الأَرْضِ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: ٥٥]، فالأَرْض هي الأوَّل والآخِر بالنِّسبة لبني آدَمَ إلى يوم البَعْث.

{ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مَنِيٍّ]، وهذا باعتِبار نَسْل آدمَ عَلَيْهَ السَّلَامُ {ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} هذا الطورُ الثالِثُ، والثاني باعتِبار نَسْل آدَمَ، والعلَقة قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [دَمٌ غَليظ]، مثل الخَيْط {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}، وطوَى الله تعالى ذكَر المُضْغة،


(١) البيت لزهير بن أبي سلمى، انظر: ديوانه (ص: ٣٢).

<<  <   >  >>