وإنشاء الخَلْق الآخَر إلى قوله:{ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}؛ قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[بمَعنَى: أطفالًا]، وإنَّما قال:[بمَعنى: أَطْفالًا]؛ لأنها حال من الكاف في {يُخْرِجُكُمْ} وهي جَمْع، وطِفْل مُفرَد، وعلى هذا فيَتعيَّن أن يَكون (طِفل) بمَعنَى: (أطفالًا)، وقيل: إن {طِفْلًا} بمَعنَى المُفرَد، وأن المعنى: ثُم يَخرُج كل واحِد مِنكم طِفْلًا. فيَكون {يُخْرِجُكُمْ} جَمعًا باعتِبار المَجموع؛ أي: أن كل واحِد منَّا يَخرُج طِفلًا، وعلى هذا فلا حاجةَ إلى تَأْويل طِفل بمَعنَى: أطفال.
{ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [ثُم يُبقِيكم لتَبلُغوا] وإنَّما قدَّر ذلك؛ لأن اللَّام تَحتاج إلى مُتعلَّق، وعلى هذا فمُتَعلَّقها محَذوف، والتَّقدير: ثُم يُبقِيكم {لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} قال المفَسّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [تَتَكامَل قُوَّتُكم من الثلاثين سَنَةً إلى الأَرْبَعين]، هذا بُلوغ الأشَدِّ، أَقْوى ما يَكون الإنسان من ثلاثينَ سَنَةً إلى أَربَعين، ثُم يَبدَأ بالانحِدار شيئًا فشيئًا، ولكن قد يَكون هناك عوامِلُ تُوجِب أن تَبقَى قوَّته مُدَّة من الزمَن أكثَرَ، وقد تَكون هناك عوامِلُ تُوجِب أن تَنهَدِم قوَّته قبل تمَام الأربَعين، لكن في الأصل أنه إذا تَمَّ الإنسان أربَعين سَنَة بَدَأَ بالضَّعْف.
{ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} أي: كامِل قُوَّتكم، {ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بضَمِّ الشين وكَسْرها] يَعنِي: {شُيُوخًا} و"شِيُوخًا" والقِراءتان سَبْعيَّتان. وهذه طريق المفَسِّر إذا ذكَر الوَجْهين جميعًا فمَعناه أن القِراءتَيْن سَبْعيَّتان.
{ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} يَعنِي: كبارًا. يَعني: تَبلُغوا سِنَّ الشَّيْخوخة، {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ}. قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي: قبلَ الأَشدِّ والشَّيخوخة، فَعَل ذلك بكم لتَعيشوا {وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى}]. والمفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ يُقدِّر ذلك لوُجود حَرْف العَطْف، وهو قوله:{وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى}، ولعلَّ {أَجَلًا مُسَمًّى} قال المفَسِّر: [وَقْتًا