{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} لمَّا ذكَر الساعة ذكَر ما يَكون به الوِقاية من وَبالهِا، وهو دُعاء الله، فقال:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي} وأَتَى بجُملة بصيغة الغَيْبة تَعظيمًا له عَزَّ وَجَلَّ {وَقَالَ رَبُّكُمُ} ولم يَقُل: أَقولُ، أو قُلْنا. أو ما أَشبَهَ ذلك تَعظيمًا لله.
وقوله:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}{ادْعُونِي} أَمْر، و {أَسْتَجِبْ} جوابُه جَواب الطلَب، والدَّعْوة هنا تَشمَل دُعاء المَسأَلة ودُعاء العِبادة، فدُعاء المَسأَلة أن يَقول الإنسان: يا رَبِّ اغفِرْ لي. ودُعاء العِبادة أن يَتَعبَّد لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بما شرَع، وإنما كانَتِ العِبادة دُعاءً؛ لأنها مُتضَمِّنةٌ لطلَب الإنسان النَّجاة من النار ودُخول الجنَّة، لو سألت كلَّ عابِد: لِمَ تَدعُو الله؟ قال: أُريد أن أَنجوَ من النار وأَدخُل في رحمة الله، إِذَنْ فهو مُتضمِّن للدُّعاء بلِسان الحال.
وقوله:{أَسْتَجِبْ لَكُمْ} نُفسِّرها في مُقابِل دُعاء المَسأَلة بإعطائكم ما سأَلْتم، ونُفسِّرها بدُعاء العِبادة بالقَبول. يَعنِي: أَتقَبَّل منكم. فاستِجابة الله تعالى لدُعاء المَسأَلة أن يُعطِيَ السائِل ما سأَل، واستِجابته لدُعاء العِبادة أن يَتَقبَّل من العابِد.