بهم ما كانوا يَستَهزِئون به فيما سَبَق، حيث كانوا يَستَهْزِئون بالرُّسُل، وبما جاؤُوا به، وبالشَّرائِع، بل ربما يَستَهْزِئون بالله -عَزَّ وَجَلَّ-.
انظُرْ إلى قول الله تعالى:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}[التوبة: ٦٥]، يَتبَيَّن لك أن الكُفَّار يَستَهْزِئون بالله، وَيَستَهزِئون بآيات الله، وَيَستَهزِئون بالرُّسُل.
وقوله:{وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}[أي: العَذاب] أي: حاق بهِمُ العَذاب الذين كانوا يَستَهزِئون به حين تَوعَّدَتْهم الرُّسُل به، فجعَلوا يَستَهزِئون: أين العَذابُ الذي تَقولون؟ أي: كانوا يَستَفهِمون استِهزاء.
من فوائد الآيةِ الكريمةِ:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: إثبات حِكْمة الله ورَحْمته، وذلك أنه جعَل الآياتِ التي تَأتِي بها الرُّسُل آياتٍ بيِّناتٍ، حتَّى لا يَبقَى حُجَّة.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن الكُفَّار يَفخَرون بما عِندهم من العِلْم، ولو كان باطِلًا؛ لقوله:{فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} وهذا الذي كان فيما سبَقَ مَوْجود الآنَ، فإن بعض أُولَئِك القومِ الذين اَتاهم الله من عِلْم الدنيا ما آتاهم تَجِدهم يَفرَحون بها ويَقولون: هي خَيْر من عِلْم أُولَئِك المُقوقَعِين على أَنفُسهم، وَيعنُون بهم عُلماء الشَّريعة.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: التَّحذير البالِغ من رَدِّ ما جاءَت به الرُّسُل؛ لقوله:{وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَرسَل الرُّسُل بالآياتِ البَيِّنات الدالَّة على صِدْقهم.