للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يَصِحَّ تَحويلُ ما بَعدها إلى مَصدَر، فمثَلًا قوله: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ} إذا حوَّلْنا ما بعدَها إلى مَصدَر يَكون التقدير: ذلِكُم بكَوْنِكم تَفرَحون في الأرض بغير الحقّ. وقوله: {بِمَا كُنْتُمْ} مَعلوم أن (كان) هذه للماضِي أي: قبل المَوْت {كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} أي: تَفرَحون بالباطِل؛ وذلك لأنهم يَفرَحون بالشِّرْك والكُفْر، وكلُّ مَن شارَكهم في إثمهم فإنَّهم يَفرَحون به.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{بِغَيْرِ الْحَقِّ} مِن الإِشْراك وإنكار البَعْث]، وهذا في الواقِع قُصور، إلَّا إذا كان يُريد به التَّمثيل، وإلَّا فإن قوله: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} أعَمُّ من الشِّرْك وإنكار البَعْث، فهم يَفرَحون في الأرض بغير الحَقِّ من الشِّرْك وإنكار البَعْث، والعُدوان، وتَحليل الحَرام، وتَحريم الحَلال، كالسائِبة، والوَصيلة، والحامِي، وما أَشبَه ذلك.

المُهِمُّ: أن قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بالإِشراكِ وإنكار البَعْث] هذا قُصور ما لم يُرِدِ التَّمثيل، فإن أَراد التَّمثيل فإن التَّمثيل لا يُفيد الحَصْر.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} تَتَوسَّعون في الفَرَح]، الواو حرف عَطْف والباء للسبَبية، وهذه الجُملةُ مَعطوفة على ما قَبلَها بإعادة العامِل الذي هو الباء، والعَطْف بإعادة العامِل يَعنِي: أن الثانيَ مُستَقِلٌّ عن الأوَّل، فهُمْ يُعذَّبون بالأمرَيْن جميعًا: يُعذَّبون عَذابًا خاصًّا بالفرَح، وعذابًا خاصًّا بالمرَح، والباء للسبَبية {وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} تَتَوسَّعون في الفرَح.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَةُ الأُولَى: إثبات الأَسْباب، يُؤخَذ من قوله: {وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}؛ لأن الباء هنا للسبَبِية.

<<  <   >  >>