للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[[الآية (٥٥)]]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: ٥٥].

* * *

ثُم قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} (اصْبِر) الخِطاب للرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ اصْبِرْ على أيِّ شيء، اصْبِرْ على حُكْم الله الكَونيِّ والشَّرْعيِّ؛ لأن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الإنسان: ٢٣ - ٢٤] وتَأمَّلوا لمَّا مَنَّ الله عليه بأنه نزَّلَ عليه الكِتاب تَنزيلًا هل قال: فاشْكُرْ نِعْمة ربِّك؟ بل قال: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ}.

ومَعناه أنك كُلِّفْت أمرًا عظيمًا يَحتاج إلى صَبْر، اصبِرْ لحُكْم ربِّك الشَّرعيِّ، والثاني الكَونيِّ، وقد لَقِيَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - العَناء الكبير من الصَّبْر على أذى قَوْمه.

وقوله: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} هنا في الآية حَذْف. والمَحذوف تُفسِّره الآياتُ الأُخرى {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} الكَوْنيِّ والشَّرْعيِّ، ولا نَجِد أحَدًا أَصبَرَ من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ على حُكْم الله، يُوعَك - يَعنِي: يُمرَض - كما يُمرَض الرَّجُلان منَّا، يشُدَّد عليه، شُدِّد عليه عند الموت وهو يُحتَضَر، شُدِّد عليه، كما قالت ذلك عائِشةُ أُمُّ المُؤمِنين - رضي الله عنها -: لَمْ يُشَدَّدْ على أَحَدٍ (١).


(١) أخرجه البخاري: كتاب المرضى، باب شدة المرض، رقم (٥٦٤٦)، ومسلم: كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض، رقم (٢٥٧٠).

<<  <   >  >>