للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُوذِيَ في الله عَزَّ وَجَلَّ فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ، وقِصَّة إيذاء المُشرِكين له في مكَّةَ وغير مكَّةَ أَمْر مَشهور عِندكم ومَعلوم {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [الروم: ٦٠] أي: والله {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} هذه الجُملةُ خبَرية مُؤكَّدة بـ (أن) وَعْد الله حَقُّ، وَعَد الله بنَصْر أَوْليائه وخَذْل أَعدائِه.

فإن قال قائِلٌ: قول الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [الروم: ٦٠] بعضُهم يَقولون: إن الإيذاء والبَلاء في دِين الله دَلالة على أن هذا الدِّينَ باطِل. كيفَ نَرُدُّ عليهم؟

فالجَوابُ: لا، فهذه غَيْرُ، فالرَّسول لولا أن دِينَه حَقٌّ ما أُوذِيَ عليه، لولا أن دِينَه حقٌّ ما أُوذِيَ عليه، لو تَبع ما عليه قومُه ما أُوذِيَ؛ ولهذا كان من حِكْمة الله أن أعمام الرسول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أربَعة الذين أَدرَكوا زَمانَه أربعة: اثنانِ كافِران أَحَدُهما أَذاه والثاني ساعَدَه وآواه، واثنان أَسلَما أحدُهما تَقدَّم إسلامه وله مَقام صِدْق، وكان شهيدًا، والثاني بالعَكْس تَأخَّر إسلامه، لكن لا شَكَّ أن له مَقامَ صِدْق. الذي كَفَر وآذاه أبو لَهَبٍ، والَّذي كفَر وآواه أبو طالِب، والذي له مَقامُ صِدْق وسَبْق حَمزَةُ، والرابع العَبَّاس بنُ عبدِ المُطَّلِب، فالله حَكِيمٌ عَزَّ وَجَلَّ.

وقوله: {حَقٌّ} والحَقُّ هو الشيء الثابِت الذي لا يَتَغيَّر.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} بنَصْر أَوْليائه {حَقٌّ}، وأنت ومَن تَبِعَك مِنْهم] نعَمْ هم على قِمَّة الأَوْلياء، محُمَّد رسول الله والذين معَه قِمَّة الأَوْلياء وَصَفَهم الله بأنهم {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} انظُرْ كيفَ مُعامَلة بعضِهم مع بعضٍ، ومُعامَلتهم مع الله عَزَّ وَجَلَّ.

وقوله: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [لِيُسْتَنَّ بِكَ] "استَغفِرْ

<<  <   >  >>