للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لذَنْبِك" أيِ: اطلُبْ من الله المَغفِرة للذَّنْب وهو الإِثْم أو المَعصِية، استَغفِرِ: اطلُبِ المَغفِرة.

والمَغفِرة مُشتَقَّة من المِغفَر، وهو الذي يُوضَع على الرأس أثناء القِتال، ليَتَّقيَ به المُقاتِل سِهام المُقاتِلين، هذا هو المِغفَر.

إِذَنْ: فالمَغفِرة سَتْر الذَّنْب والتَّجاوُز عنه، ليس مجُرَّد السَّتْر، وَيدُلُّ لهَذا قولُه سُبحَانَهُ وَتَعَالى إذا حاسَب عبدَه المُؤمِن: "قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ" (١).

وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [لِيُسْتَنَّ بِكَ] إشارة إلى أنه لا ذَنْبَ للرسول، لكن أُمِر بالاستِغْفار لتَستَنَّ به الأُمَّة فتَستَغفِر لذنوبها، وهذا بِناءً على أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لا يُذنِب وكذلك الرُّسُل، ولكِنْ في هذا نظَرٌ، هذا من الغُلوِّ بالنِّسْبة للرسول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ورُبَّ مُذنِبٍ تابَ من ذَنْبه فكان خيرًا منه قبل الذَّنْب.

آدَمُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَصَى ربَّه وغَوَى، {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: ١٢٢]، قبل ذلك هل حصَل له الاجتِباء؟ لا، فصار بعد التَّوْبة من الذَّنْب خيرًا منه قَبْل الذَّنْب، والذَّنْب لا يَخدِش في الإنسان، الذَّنْب إذا عرَف الإنسان نَفْسه وعرَف قَدْر ربِّه سُبحَانَهُ وَتَعَالى ثُم رجَع إلى الله وتابَ وندِمَ يَجِد في قلبه إيمانًا لم يَكُن من قبلُ، يَكون عنده حَياءٌ من الله وخَجَل، ولهذا جاء في الحَديث الصَّحيح الذي


(١) أخرجه البخاري: كتاب المظالم، باب قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}، رقم (٢٤٤١)، ومسلم: كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، رقم (٢٧٦٨)، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>