للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٧٨)]

* قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ} [غافر: ٧٨].

قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ} إلى آخِره. الجُملةُ هَذه مُؤكَّدة بثَلاثة مُؤكِّدات: اللَّام، و (قد)، والقَسَم المَحذوف، والتَّقدير: والله لقَدْ أَرسَلْنا رُسُلًا من قَبلِك، والرسولُ هو بشَرٌ، يُوحَى إليه بشَرْع، ويُؤمَر بتَبليغه؛ ولهذا سُمِّي رسولًا؛ أي: مَدفوعًا من قِبَل الله -عَزَّ وَجَلَّ- ليُبلِّغ، وأمَّا النبيُّ فإنه بشَرٌ أُوحِيَ إليه بشَرْع، ولكنه لم يُكلَّف بتَبليغه، بمَعنَى: أنه يُجدِّد شَرْع مَن قَبلَه إن كان قَبْله رَسولٌ حتى يُحيِيَ هِمَم الناس فيَقتَدُوا به، وإذا لم يَحتَجِ الناس إلى رسول لم يُرسِل إليهم أحَدًا، فإن آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كان نَبيًّا ولم يَكُن رسولًا، هو نَبيٌّ يَتعَبَّد لله تعالى بما أَوْحاه الله إليه، ولكن لم يُرسَل؛ لأن الناس لم يَختَلِفوا بعدُ، كما قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: ٢١٣]، فالرُّسُل إنَّما أُرسِلوا بعد الاختِلاف؛ ولهذا قال بعضُ أَهْل العِلْم: إن تَقدير الآية الكَريمة: كان الناس أُمَّة واحِدة فاختَلَفوا فبعَثَ الله النَّبيِّين مُبشِّرين. وقال: إن في الآية إيجاز حَذْف؛ أي: حُذِف منها ما دَلَّ السِّياق على حَذْفه.

<<  <   >  >>