ثُم قال الله تبارك وَتَعَالى في بَقيَّة كلام هذا الرجُلِ المُؤمِن:{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ}[غافر: ٤٤].
السين وسوف كِلاهما يَختَصَّان بالفِعْل المُضارع ومن علاماته، وإذا رأَيْت كلِمة تَقبَل السين وسوف فهي فِعْل مُضارع، لكنَّهما يَفتَرِقان، السين تَدُلُّ على القُرْب، وسوف تَدُلُّ على المُهلَة، فقوله:{فَسَتَذْكُرُونَ}؛ أي: عن قَريب، وهي مع إفادتها القُرْب تُفيد التَّحقُّق؛ يَعنِي: أن هذا أَمْر لا بُدَّ أن يَحصُل.
قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ} إذا عايَنْتم العَذاب]، وهذا ليس ببَعيد؛ لأن غاية ما بينَهم وبينَه أن تَنتَهيَ آجالهم، وكل آتٍ قَريبٌ، {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ}، وحينئذٍ لا يَنفَعُهم ذلك، كما لو نصَحَك ناصِحٌ عن فِعْل شيء، ثُم لم تَقبَل نصيحته، وبعد ذلك رأَيْت عاقِبَته وَخيمة، فإنك ستَذكُر قول الناصِح، تَذكُره ندَمًا وحُزْنًا.
قال:{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} الواو هنا للاستِئْناف، ولا يَصِحُّ أن تَكون عاطِفة؛ لأنها لو كانت عاطِفة لكان المَعنَى: وسأُفوِّض أَمْري إلى الله، ولكن هذا