للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التأبيد، وإن كان التَّكبُّر دون ذلك، مثل أن يَتكبَّر على الخَلْق مع القِيام بحقِّ الخالِق أو يَتكَبَّر عن بعض الأشياء ولا أَظُنُّ أحَدًا يَتكبَّر عن أَمْر من أَمْر الله إلَّا وهو كافِر كُفْرًا مُطلَقًا؛ لأن إبليسَ تَكبَّر عن شيء واحِد وكفَر وهو السُّجود، لكن مَن تكَبَّر على الخَلْق دون الحقِّ فهذا لا يُخلَّد في النار، يُعاقَب بمِثْل ما فعَل من ذَنْب.

تنبيه: أنا أُحِبُّ من طالِب العِلْم أن يَكون قوِيًّا في استِنْباط الأَحْكام من الأَدِلَّة؛ لأن القادِر على استِنْباط الأحكام من الأدِلَّة يَحصُل على عِلْم كثير من أدِلَّة قَليلة، كم من إنسان يَستَنبِط من آية واحِدة عِشرين فائِدة ويَأتِي إنسان آخَرُ ولا يَستَنبِط إلَّا خمسَ فوائِدَ مثَلًا، الأوَّلُ حصَل على ثلاثة أضعاف ما حصَل عليه الثاني، وذلك بالاستِنْباط، ولكن هنا مَسأَلة، لا تُفْرط في الاستِنْباط؛ لأنك إن أَفْرَطتَ فيه حمَّلْت النُّصوص ما لا تَحتَمِل، فكُن وسَطًا وإذا دار الأَمْر بين أن يَكون هذا الحُكْمُ مُستَنبَطًا من آية أو حَديث أو لا يَكون فما هي السَّلامةُ؟

إن قلت: لا يَكون. قال لك الآخَرُ: السَّلامة أن يَكون؛ حتى لا نُبطِل دَلالة النَّصِّ، لكن نَقول: الأوَّلُ أرجَحُ؛ لأنك إذا لم تَتَيقَّن أن الآية دلَّت عليه وسَكَتَّ فقد سلِمْت؛ لأنَّك لم تَنفِ.

والسكوتُ درَجة بين النَّفيِ والإثبات فأنت إذا سكَتَّ لم تَكُن قلتَ على الله بغير حَقٍّ، لكن إذا أَثبَتَّ في النصِّ ما لا يَدُلُّ عليه فقد قُلتَ على الله بغير حَقٍّ.

إِذَنْ: فالسَّلامة فيما إذا شكَكْت هل النَّصُّ دلَّ على هذا أو لا، السَّلامة أن تَسكُت، ولكن لا تَنفِ؛ لأنه قد يَكون دالًّا عليه في نَفْس الأمر، ولكن فَهْمك لم يُدرِكه.

<<  <   >  >>