للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أيِ: البُعْد من الرَّحْمة] ولهم سُوء الدار، لهُمُ اللَّعْنة، كيف قال: لهُمُ اللَّعْنة. هل اللَّعْنة مَطلوبة حتى تَأتِي باللَّام؟

قيل: إن اللَّام هنا بمَعنَى (على) كقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ} [البقرة: ١٦١] عليهم فاللَّام هنا بمَعنَى (على)، والصَّواب أن اللَّام على بابها، وأنها ليسَتْ بمَعنَى (على)، بل هي بمَعنَى الاستِحْقاق، يَعنِي: أنهم يُلعَنون لَعْنًا يَستَحِقُّونه، فهي أَبلَغُ من قوله: علَيْهم. من وَجْه، وتلْك أَبلَغُ من وَجهٍ آخَرَ.

المُهِمُّ: أن اللَّام هنا بمَعنَى (على) مَعناها الأَصْل الاستِحْقاق.

وهنا نَقول لكم: إذا ورَد تَفْسيران في كِتاب الله العزيز أَحَدهما يُؤيِّده اللَّفْظ والثاني لا يُؤيِّده اللَّفْظ فنَأخُذ بالأوَّل، وإن كان كلٌّ من المَعنيَيْن مُكتَمِلًا، ولكن ما يُوافِق ظاهِر اللَّفْظ هو الأَوْلى.

قوله: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} أي: البُعْد عن الرحمة، وقوله: اللَّعْنة. لم يُبيِّن مِمَّن فتَعُمُّ {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: ١٦١]، وفي آية أُخرَى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩]، فكُلُّ شيء يَلعَنهم نَسأَل الله العافِيةَ.

قوله: {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [الآخِرة؛ أي: شدَّة عَذابها] {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} يُحتَمَل أن تَكون من باب إضافة الصِّفة إلى المَوْصوف؛ أي: الدار السُّوء، ويُحتَمَل أن يَكون على بابها، والمَعنَى: لهم سُوء الدار؛ أي: السَّيِّئ في الدار.

وعلى كل حال: المُراد بسُوء الدار؛ يَقول المفَسِّر: شدَّة عَذابها، ولكن لو قيل: إن سُوء الدار ما يَسوء من العَذاب الشديد وغير الشديد لكان أعَمَّ.

<<  <   >  >>