قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:{يَوْمَ التَّنَادِ} بحَذْف الياء وإثباتها، أي: يَوْم القِيامة]، هذا هو المُراد به، وأَنا أَشَرْتُ في كَلامي على قَواعِد في التَّفسير، أنَّ هُناك تَفسيرًا لفظيًّا، والثاني: مَعنَويًّا، اللَّفظيُّ يُفسِّر اللَّفْظ، والمَعنَويُّ يُفسِّر المُراد (١)، فهنا {يَوْمَ التَّنَادِ} تَفسيرُها اللَّفظيُّ: أي: يوم يَتنادَى الناس بعضُهم مع بعض، والمُراد بها: يوم القِيامة؛ فإذا قلنا: يومَ التَّنادِ؛ أي: يوم القِيامة، فهذا ليس تَفسيرًا لفظيًّا، بل هو تَفسير مَعنَويٌّ للمُراد بالآية.
يَقول:{يَوْمَ التَّنَادِ}[أي: يوم القِيامة، يَكثُر فيه نِداء أصحاب الجنَّة أصحاب النار وبالعَكْس، والنِّداء بالسَّعادة لأهلها والشَّقاوة لأهلها، وغير ذلك]. التَّنادِي يوم القيامة يَكثُر، فيُنادِي الله الناسَ، والناسُ يُنادِي بعضُهم بعضًا، وأهل النار يَنادُون أهلَ الجَنَّة، وأهل الجَنَّة يُنادون أهل النار، والتَّنادِي الحاصِل يوم القِيامة ليس كالتَّنادِي الحاصِل في الدنيا، لأنه بأصوات مُزعِجة، وحَزينة إذا كان أهل النار يُنادون أهل الجنَّة، وما أَشبَه ذلك.
فهذا اليومُ ذَكَّر هذا المُؤمِنُ قومَه به؛ ليَحذَروا من عذاب يوم القِيامة، ثُم بيَّن ذلك بقوله رَحِمَهُ اللَّهُ:{يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} عن مَوقِف الحِساب إلى النار {مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ} أي: من عَذابه {مِنْ عَاصِمٍ} مانِع، {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}].
وَصَف هذا اليومَ بأَوْصاف:
أوَّلًا: أنه يوم التَّنادِ، يُنادِي الناسُ بعضُهم بعضًا، والله تعالى يُنادِيهم أيضًا، وَيتَنادَوْن بنِداءات قد يَكون بعضُها مَجهولًا لنا الآنَ.