للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَخلوقة، كل شيء فإنه مَخلوق لله عَزَّ وجلَّ لا يَشِذُّ عنه -عن هذه الجُملةِ- شيء أبَدًا حتى العَجْز والكَيْس، وهو من الأَوْصاف، العَجْز يَعنِي: أن الإنسان يَكون غير حازِم، والكَيْس أن يَكون حازِمًا.

وقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} لمَّا بيَّن أنه خالِق كل شيء، وأنه لا خالِقَ معه بِناءً على هذه الجُملةِ الكُلِّية بيَّن أنه {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}؛ أي: لا مَعبودَ حَقٌّ إلَّا الله عَزَّ وَجَلَّ كما أنه مُنفَرِد في الخَلْق، فيَجِب أن يُفرَد بالعِبادة.

"إلهٌ" بمَعنَى: مَألوءهٍ، وفِعال تَأتِي بمَعنَى: مَفعول في اللُّغة العرَبية كثيرًا، ومنه غِراس بنِاء فِراش كِتاب لِباس، وَعُدَّ {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}.

إذا قال قائِل: كيف تَصِحُّ هذه الجُمْلةُ مع قوله تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الإسراء: ٢٢]، وقوله: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ} [هود: ١٠١]، فأَثبَت آلِهَة دون الله؟

الجَوابُ: تَصِحُّ هذه العِبارةُ إذا عرَفنا الخبَر المُقدَّر، وهو: لا إلهَ حَقٌّ إلا الله، دليل هذا {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج: ٦٢]، {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [غافر: ٦٢] الاستِفْهام هنا للتَّعجُّب والإنكار.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} فكيف تُصرَفون عن الإيمان مع قِيام البُرْهان].

ثُم قال تعالى: {كَذَلِكَ يُؤْفَكُ} هذا التَّكييف يَأتِي كثيرًا في القُرآن الكريم، وقد تقدم كيف نُعرِبه، وقُلنا: إن الكاف اسمٌ بمَعنى: مِثْل، وهو مَفعول مُطلَق

<<  <   >  >>