قال المفَسِّر رَحِمَهُ الله: [{لَأَظُنُّهُ} أي: موسى {كَاذِبًا} في أنَّ له إلهًا غيري]؛ قال هذا تمَويهًا على أصحابه، وخوفًا من أن يَقَع في نفوسهم شيءٌ حين أَمَر وزيرَه أن يَبنيَ له صرحًا، قال:{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا}.
وفِرعونُ في هذه المَقالةِ كاذِب، هو لا يَظُنُّ أنَّ موسى كاذِب، بل يَعلَم أنه صادِق، لقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالى عن موسى أنه قال له -أي: لفِرعونَ-: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ}[الإسراء: ١٠٢]، قال هذا الكَلامَ:{لَقَدْ عَلِمْتَ} مُؤكِّدًا إيَّاه بالقَسَم واللام و (قَدْ)، ويُخاطِب هذا الرجُلَ القادِر على إنكار ما قاله موسى لو كان كذِبًا قال له:{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} فِرعونُ ليس له مانِع يَمنَعه أن يَقول: لم أَعلَمْ. هو قادِر، لكنه إن قال ذلك يَعلَم أنه {مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ}، وقال الله تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا} هذه مَفعول من أَجْله لـ {وَجَحَدُوا} بها ظُلْمًا.
المُهِمُّ: أن قوله: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} هذه الجُمْلةُ كذِب، هو يَعلَم أن موسى صادِق، لكنه قال ذلك تمَويهًا لقومه، وخوفًا من أن يَقَع في قُلوبهم شيء من الشَّكِّ، قال عن فِرعونَ:{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} يَقول المفَسِّر رَحِمَهُ الله: [قال فِرعونُ ذلك تَمويهًا].
قوله:{وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ}{وَكَذَلِكَ} أي: مثل هذا الفِعْلِ، أو مثل هذا التَّزيِين أيُّهما الذي على القاعِدة؟
الجَوابُ: الثاني. لأننا قُلْنا: إن (كذلك) تَكون مَفعولًا مُطلَقًا للفِعْل الذي بعدَها؛ أي: مثل هذا التَّزيِين الذي زُّين لفِرعونَ، وهذا التَّمويهُ والتَّرويجُ لقومه