للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أن قال: {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.

ولنَأتِ على بَيان الأدِلَّة الدالَّة على قُدْرة الله عَزَّ وَجَلَّ على إحياء المَوْتى في هذه الآياتِ، لقَد ذكَر الله تعالى ثَمانية أَوْجُه على قُدْرته على إحياء المَوْتى:

الدليلُ الأوَّل: قوله: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} وجهُ الدَّلالة على قُدْرته على إِحياء المَوْتى من هذه الجُملةِ؛ لأن الذي قدَرَ على إِنْشائها أوَّلَ مرَّة قادِر على إعادتها؛ لأن الإعادة أَهوَنُ {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: ٢٧].

الدليلُ الثاني: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} وجهُ الدَّلالة: الذي يَخلُق المَخلوقاتِ عالِمٌ بما خلَقَ. يَعنِي: هو لا يَخفَى عليه الخَلْق، فإذا كان لا يَخفَى عليه الخَلْق فما الذي يُعجِزه وهو على كل شيء قَديرٌ.

الدليل الثالث: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} وجهُ دَلالة هذه الجُمْلةِ على قُدْرة الله على إِحياء الموتى أنه يُوجَد شجَر مَعروف في الحِجاز إذا ضرَبْته بالقَدَح هكذا اشتَعَل نارًا فخرَجَت النار من ضِدِّها، فالذي أَخرَج الضِّدَّ من ضِدِّه قادِر على أن يُحيِيَ الموتى، فالشجَر الأخضَر فيه الرُّطوبة والبُرودة، والنار فيها اليُبوسة والحرارة، فيُخرِج هذه المادَّةَ الحارَّة اليابِسة من مادة رَطْبة بارِدة، وهذا من تمَام القُدْرة، وقوله: {فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} هذا للتَّأْكيد، لتأكيد أنه خرج هذا وأَوْقَدْتُموه.

الدليل الرابع: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى} الذي خلَق السمَواتِ والأرضَ يَقدِر على إحياء المَوْتى، وجهُ الدَّلالة كما أنه خلَق السمواتِ والأرضَ على عظَمَتها فخَلْق الإنسانِ من بابِ أَوْلى أو إعادته؛

<<  <   >  >>