للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُم لو فُرِض أنه وقَعَ هل يُمكِن أن يَذكُر الله السُّوءَ ولا يَذكُر التَّوْبة منه؛ لأنَّا نَقول: إذا وقَعَ فإمَّا أن يَكون قد تاب منه أو لم يَتُب، فإن لم يَتُب فقد مات على الشِّرْك، فإن تاب فلَيْس من عَدْل الله عَزَّ وَجَلَّ أن يَذكُر السُّوء ولا يَذكُر الخَلاص مِنه.

فنحن نَقولُ: بعضُ العُلَماء - عفا الله عنَّا وعَنْهم - يَتَحايَلون أو يَتَمحَّلون على العِبارة الصحيحة، يَتَمحَّلون في تَنزيه الرسُل عمَّا وصَفَهم الله به، لكن نحن نُؤمِن بأن الرسول يَختَلِف مع غيره في مَسأَلتَيْن:

المَسأَلة الأُولى: أنه لا يُمكِن أن يَفعَل ما يُخِلُّ بالرِّسالة أو بالشَّرَف.

المَسأَلة الثانِية: إذا فعَل مَعصية فلا يُمكِن إلَّا أن يَتوب منها، لا يُقِرُّه الله على مَعصية، نحن الآنَ جائِز على بني آدَمَ أن يَفعَلوا ما يُخِلُّ بالشَّرَف، يَأتون الفاحِشة، يَزنون، جائِزٌ عليهم أيضًا إذا فعَلوا أن لا يَتوب، فالرُّسُل يَختَلِفون عن غيرهم بهذَيْن الأَمْرين.

فالخُلاصةُ: أن بعض العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ يَتَمحَّلون بالنِّسبة للرُّسُل عليهم الصلاة والسلام ونحن نَقول: لا نَتَعدَّى القُرآن والحديث أبَدًا: "نبيٌّ مِن الأَنْبِياءِ قَرَصَتْه نَمْلةٌ - النَّمْلة مَعروف - فأَحرَق قَرْيَة النَّمْل كُلَّها - شبَّ عليها نارًا - فأَوْحى الله إليه هَلَّا نَمْلة واحِدة، تَقرُصُك نَمْلة وتَروح إلى كل القَرْية فتُحرِقَها بسبَبِ ذَنْب واحِدٍ" (١)؟

وهذا إشارة إلى أن الإنسان يَجِب عليه أن يَتحَرَّى، ثُم هذا النَّملُ لا يُمكِن أن يَتأدَّب، هل تَظُنُّون أن إذا سمِعَت النَّمْلة الأُخرى بهذه القِصَّةِ أن تَتُوبَ عن قَرْص


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق، رقم (٣٠١٩)، ومسلم: كتاب السلام، باب النهي عن قتل النمل، رقم (٢٢٤١)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>