للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنها لا يَلحَقها فَناءٌ، كامِلة لأنها مُتضَمِّنة لجميع أوصاف الكَمال، كامِلة لأنها مُنزَّهة عن كل صِفات النَّقْص، فكَمالها من وُجوه أربَعة: من جهة أنه ليست تُسبَق بعدَم، ومن جهة أنه لا يَعتَريها الفَناء، ومن جهة أنها كامِلة مُتضمِّنة لجميع أَوْصاف الكَمال، ومن جهة رابِعة مُنزَّهة عن كل نَقْص، كما قال تعالى: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: ٢٥٥]، انظُرِ {الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} صِفة كَمال، ونَفيُ نَقْص.

فإن قال قائِل: الحيُّ من الأسماء اللازِمة أو المُتَعدِّية؟

فالجوابُ: من الأسماء اللازِمة، وقد ذكَر العُلَماء في كتُب التَّوْحيد أن أسماء الله عَزَّ وَجَلَّ إن كانت مُتَعدِّية فإنه لا يَتِمُّ الإيمان بها إلَّا بأمور ثلاثة: إثباتها اسم لله، وإثبات ما دلَّتْ عليه من الصِّفات، وإثبات ما يَترتَّب على هذه الصِّفاتِ.

وأمَّا إذا كان الاسم لازِمًا فإنه يَتَضمَّن شَيْئَيْن: إثبات ذلك الاسمِ لله عَزَّ وَجَلَّ، والثاني إثباتُ ما دلَّ عليه من الصِّفات فقَطْ.

مسألة: هناك قاعِدة عِلْمية أن المادَّة لا تَفنَى ولا تُستَحْدَث من العدَم، ورأيُنا أن الذي يَعتَقِد مَدلولها فهذا كُفْر، كلُّ شيء فانٍ إلَّا وجهَ الله، كل شيء هالِك إلَّا وجهَه، ومَعنَى هالِك: قابِل للهَلاك، وقد يَجعَله الله مُؤبَّدًا كالجَنَّة والنار، لكن الذي أَوجَد قادِر على الإعدام، والإعدام أهوَنُ من الإيجاد، وقولهم أيضًا: لا تُستَحْدَث، مَعناه: حكَموا بأنها أزَليَّة، أزَليَّة أبَدية، لا يَقول هذا مُؤمِن.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: انتِفاء الأُلوهية عَمّا سِوى الله؛ لقوله تعالى: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} وهي تَألُّه العبد لله عَزَّ وَجَلَّ مَحبَّةً وتعظيمًا.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: وُجوب الإخلاص لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى في العِبادة والدُّعاء؛ لقوله:

<<  <   >  >>