للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَضْل على الناس بـ {إِنَّ} واللَّام، و (ذو) بمَعنَى: صاحِب، {لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} {فَضْلٍ} بمَعنَى: إفضال، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى هو المُتفَضِّل على العِباد، ومنه أي: من فَضْله جعَل الليل سكَنًا والنهار مُبصِرًا.

وقوله: {عَلَى النَّاسِ} عامَّة تَشمَل المُؤمِن والكافِر، وهذا هو الواقِعُ؛ لأن الليل سكَن للمُؤمِنين والكافِرين، والنهار مُبصِر للمُؤمِنين والكافِرين {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} يَعنِي: مع كون الله ذا فَضْل على الناس أَكثَرهم لا يَشكُر -والعِياذ بالله- أَكثَرُهم كافِر.

ولهذه الآيةِ نَظائِرُ منها قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: ١٠٣]، وجاءَت السُّنَّة بمِثْل ذلك؛ حيث أَخبَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن الله يُنادِي يوم القِيامة: "يَا آدَمُ أَخْرِجْ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ. فَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَتسْعَةً وَتسْعِينَ كُلُّهُمْ فِي النَّارِ" (١) من الألْف واحِد يَنجو.

والشُّكْر هو الاعتِراف للمُنعِم بالنِّعمة بالقَلْب واللِّسان والجَوارِح، الاعتِراف بالشُّكْر، والاعتِراف للمُنعِم بالنِّعْمة بالقَلْب واللِّسان والجَوارِح، قال الشاعِر:

أَفادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً ... يَدِي وَلسَانِي وَالضَّمِيرَ المُحَجَّبَا (٢)

"أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً"؛ يَعنِي: أنَّكم ملَكْتم مِنِّي ثلاثة بسبب نَعمائِكم، يَدي ولِسانِي والضَّمير المُحَجَّبَ.


(١) أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج، ومأجوج، رقم (٣٣٤٨)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب قوله: يقول الله لآدم: أخرج بعث النار من كل ألف تسع مِئة وتسعة وتسعين، رقم (٢٢٢)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٢) انظره في غريب الحديث للخطابي (١/ ٣٤٦)، والفائق للزمخشري (١/ ٣١٤) غير منسوب.

<<  <   >  >>