فقوله تعالى:{لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} يقول المفَسِّر: [ليس له دَعْوة مُستَجابة] يَعنِي: لا يَستَجيب الدَّعْوة، والصواب أن لها مَعنيَيْن: لا يَستَجيب، ولا يَستَحِقُّ، فهو لا يَستَحِقُّ أن يُدعَى، ولو دُعِيَ لم يَستَجِبْ.
وقوله:{لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ} لا يَستَطيع هذا لا في الدنيا ولا في الآخرة، فالأصنام لا تَنفَع عابِديها لا في الدنيا ولا في الآخرة.
وقوله:{وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ} ذكَّرهم بالحِساب رَحِمَهُ الله وجَزاه الله خيرًا، قال المفَسِّر رَحِمَهُ اَللَّهُ: [{وَأَنَّ مَرَدَّنَا}؛ أي: مَرجِعنا] إلى الله عَز وَجَلَّ في الدُّنيا والآخِرة {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩]، فالمَرَدُّ هو الله في الدنيا والآخِرة.
وقوله:{وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} يَعنِي: ولا جرَمَ أيضًا أن المُسرِفين هُمْ أصحاب النار. يَعنِي: هذه ثَلاثة أشياءَ كلُّها جُزِم بها جَزْمًا.
والمُسرِف اسمُ فاعِل من الإسراف، وهو تَجاوُز الحَدِّ ويَكون كُفْرًا، وَيكون دون الكُفْر، فالإنسان الذي يَملَأ بطنَه من الطَّعام والشراب مُسرِف، لكنه ليس بكافِر؛ لأن الله عز وجل قال:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}، وكذلك الإسرافُ في اللِّباس وغيره لا يُؤدِّي إلى الكُفْر، لكن الإسراف في عِبادة الله بأن تَتَجاوَز عِبادة الله إلى عِبادة غيره، هذا هو الكُفْر، وهذا هو مُراد هذا الرجُلِ المُؤمِن.