للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{فَرِحُوا} أي: الكُفَّار {بِمَا عِنْدَهُم} أي: الرُّسُل من العِلْم فرَح استِهْزاء وضَحِك مُنكِرين لها].

{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا} الواو فاعِل فمَن الفارِحُ؛ يَقول رَحِمَهُ اللهُ: [أي: الكُفَّار]، وهذا صَحيح فَرِحَ الكُفَّار {بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}.

وقوله: {بِمَا عِنْدَهُمْ} الضمير يَعود على الرُّسُل على حدِّ تَفسير المفَسِّر بما عند الرُّسُل من العِلْم؛ أي: بما جاؤُوا به من البيِّنات، لكن هل هذا الفَرَحُ فرَحُ استِبْشار أو فرَحُ استِهْزاء؟ يَقول المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: إنه فرَحُ استِهْزاء وضَحِك وسُخْرية؛ ولكِنْ هذا التَّفسيرُ إذا تَأمَّلْته وجَدْتَه تَحريفًا وليس تَفسيرًا؛ لما فيه من البُعْد المَعنَويِّ واللَّفْظيِّ.

أمَّا البُعْد اللَّفظيُّ فلأَنَّ فيه تَشتيتَ الضَّمائِر؛ لأن قوله: {فَرِحُوا} الواو للكُفَّار {بِمَا عِنْدَهُمْ} الهاء للرُّسُل، هذا تَشتيت للضَّمائِر، والهاء في قوله: {بِمَا عِنْدَهُمْ} إذا جعَلْنا الكلام نَسَقًا واحِدًا لا شَكَّ أنها تَعود على الكُفَّار؛ أي: بما عِند الكُفَّار من العِلْم.

وأمَّا البُعْد المَعنويُّ؛ فِلأَن الفَرَح في الأصل استِبْشار، فإذا صرَفْناه عن مَعناه الظاهِر إلى أن يَكون فرَحَ استِهْزاء كان هذا إخراجًا للمَعنَى عمَّا يَدُلُّ عليه ظاهِر اللَّفْظ.

والحاصِلُ: أن هذا التَّفسيرَ الذي ذكَرَه المفَسِّر تَفسير ضَعيف جدًّا، بل هو تَحريف، والصَّواب أن المَعنَى: فَرِح الكُفَّار بما عِندهم؛ أي: بما عِند الكُفَّار من العِلْم، وقالوا: نحن أَعلَمُ بما يُصلِحنا وما يُصلِح دُنيانا ودِينَنا الذي نحن عليه، فأنتم أيها

<<  <   >  >>