حُذِفت الياءُ للتَّخفيف، وفي قوله:{يَاقَوْمِ} تَلطُّف بدعوتهم، وإلَّا فهُمْ مُعادون له؛ لأنهم كُفَّار وهو مُؤمِن، لكن من باب التَّلطُّف في الدَّعْوة إلى الله عَزَّ وَجَلَّ قال لهم:{يَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} أكَّد الجُمْلة، وإن كانت مُستَقِرَّة في نفسه، لكن المُخاطَب بها فَعَله فِعْلَ المُنكِر لها.
قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:{مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} أي: يوم حِزْب بَعْد حِزْب]، ثُم أَبْدَل منه قوله:{مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ} " {دَأْبِ} بمَعنَى: عادة، وذَكَر قوم نُوحٍ؛ لأنه هو أوَّلُ رَسول أُرسِل إلى أهل الأرض، {وَعَادٍ وَثَمُودَ}، وكل هَؤلاءِ مُتقدِّمون بَعيدو العَهْد، قبل موسى وقبل فِرعونَ، فهُمْ من أوائِل الرُّسُل. {قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ}، (عاد) مَعطوفة على {قَوْمِ}، ولا يَصِحُّ أَنْ تكون مَعطوفة على {نُوحٍ}، لأنَّها لو كانت مَعطوفة على {نُوحٍ} لكان المَعنى مِثْل قوم عادٍ، ولا يَستَقيم الكلام، بل مِثْل عاد وهُمْ قَوْم هُود، وثَمودَ قومِ صالِحٍ.
وقوله:{مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ}(مِثل) هذه بدَل من (مِثْل) التي قَبلَها، {مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ}{مِثْلَ دَأْبِ} والبَدَل أحَدُ التَّوابع الأربعة المَعروفة من قول ابنِ مالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ: