للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجَوابُ: لا بُدَّ أن يَكون هناك فائِدة، إمَّا تَفْصيلٌ بعد إجمال، أو تَبيينٌ بعد إبهام، أو ما أَشبَه ذلك، ولا بُدَّ أن يَكون للبَدَل فائِدة.

وقوله: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ}. . . إلى آخِره. مِثْل دَأْبهم، هو لا يُريد مثل دَأْبهم، يُريد مثل جزاء دَأْبهم؛ لأن هناك دَأْبًا وهناك جَزاءً؛ فالجزاءُ مِنَ الله، والدَّأْب من الأُمَم، أو من الأحزاب، {مِثْلَ دَأْبِ} يَعنِي مثل جَزاء دَأْبهم، وبَيَّن الله تعالى دَأْبهم بقوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} [الأنفال: ٥٢] أو {كَذَّبُوا بِآيَاتِ} [الأنفال: ٥٤] هذا هو دَأْبهم.

وقوله: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ} هَؤلاء كلُّهم دَأْبهم التَّكْذيب بالرُّسُل والكُفْر بهم، {وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ} من بعد قَوْم نُوح، وهم أوَّل الأُمَم، وعاد، وسيَأْتي أن هُودًا أَشار إلى يُوسُف بنِ يَعقوبَ بنِ إبراهيمَ عليهم الصلاة والسلام.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [مِثْل بدَل مِن مِثْل قَبلَه أي: مِثْل جَزاء عادة مَن كَفَر]. فأَفاد المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ أن في الكَلام تَقديرًا أي: أن في الكَلام شَيْئًا مَحذوفًا، وهو جَزاء، أي: مِثْل جزاء دَأْبهم؛ لأن هذا هو الذي يُخاف منه أن يَنال هؤلاءِ القَومَ عُقوبةٌ، كما نال هَؤلاءِ.

فإذا قال قائِل: كيف يُطلَق العمَل على الجَزاء؟

قُلنا: لأنه سبَبُه، وهذا في القُرآن كثير أنَّ الله تعالى يُطلِق العمَل على الجَزاء مِثْل: {ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: ٥٥]، المَعنَى: ذوقوا جَزاءَه، لكن يُعبَّر به -أي: بالعمَل- عن الجَزاء، لأن الجزاء من جِنْس العمَل، وحتى يَحذَر الإنسان من عمَله، كما يَحذَر من عُقوبة عمَله.

<<  <   >  >>