للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن القُلوب عند شِدة الخَوْف تَرتَفِع حتى تَبلُغ الحناجِر، وهذا يَشهَد به الواقِع، قال الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - في سورة الأَحْزاب: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: ١٠]، والإنسان في نَفْسه أيضًا يُحِسُّ أنَّه إذا خاف خوفًا شديدًا، وكأَنَّ قَلْبه قد عُلِّق في حَنجَرته.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أن الناس في ذلك اليومِ مع شِدَّة الخَوْف يَمتَلِئون غَمًّا؛ لقوله: {كَاظِمِينَ}، والغَمُّ هو: التَّحزُّن، أو التَّهيُّؤ لما يُستَقبَل، فالغَمُّ في المُستَقبَل، والهَمُّ والحُزْن في الماضِي.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: تَقطُّع الأسباب بالظالمِين؛ فلا يَجِدون حميمًا ولا شفيعًا؛ لقوله: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: ١٨]، والمُراد بالظالمِين ما سبَقَ، وهُمُ الكافِرون.

فإن قال قائِل: الظُّلْم أَعَمُّ من الكُفْر، فكيف فسَّرْتُمُ الظُّلْم هنا بالكُفْر؟

قُلْنا: لأنَّ الله تعالى قال: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٥٤]؛ ولأن ما دون الكُفْر من المَعاصِي تُمكِن فيه الشَّفاعة؛ فإن الشَّفاعة ثابِتة لأَهْل الكبائِر من هذه الأُمَّةِ.

فإن قال قائِل: هل تَقَع الكبائر من الأنبياء؟

فالجوابُ: تَقَع، لكن يَتوبون منها، فإن موسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَتَل نفسًا بغير حَقٍّ، أو لم يُؤذَن له فيها، ويَقَع هذا سواءٌ قبل النُّبوَّة أو بعدها؛ ولهذا فهو - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اعتَذَر بذلك في طلَب الشفاعة.

<<  <   >  >>