الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: فَضيلة موسى - صلى الله عليه وسلم - وذلك بما أَكرَمه الله به من الرِّسالة.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ موسى - صلى الله عليه وسلم - أُوتِيَ آياتٍ، وبيَّن الله تعالى في آية أُخرى أنها {تِسْعَ آيَاتٍ}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ موسى أُوتِيَ سُلْطانًا؛ أي: سُلْطة وقوَّة في إقامة الحُجَّة، وفي غير ذلك؛ لقوله:{وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} , وإذا أَرَدْت أن تَعرِف شيئًا من سُلْطانه الذي آتاه الله، فانظُر إلى مُحَاوَرتهِ في سورة الشُّعَراء مع فِرعونَ، حيثُ أَلجمه وأَلقَمه حجَرًا، وفي النِّهاية تَوعَّده بالقوَّة؛ فقال فِرعونُ:{لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ}[الشعراء: ٢٩] , هذه كلِمة إرهاب، {لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} أشَدُّ إرهابًا ممَّا لو قال: لأَسجُنَنَّك. كأنه يَقول: عِندي أُناسٌ سُجَناءُ كَثيرون، وأنا قادِرٌ على سَجْنك، وسأَجعَلك من بينهم، فيَكون هذا أشَدَّ في الإرهاب ممَّا لو قال: لأَسجُنَنَّك.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: ما أَشَرْنا إليه في الآية التي قبلَها أنه ما من رَسولٍ أُرْسِلَ إلَّا وأُوتِيَ آياتٍ بيِّناتٍ تَدُلُّ على صِدْقه، وهذا من حِكْمة الله، ومن رحمة الله، ويَأتِي -إن شاء الله- بَقيَّة الكَلام على القِصَّة.
وقد أكَّدَ ذلك الحَديثُ الثابتُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الله مَا بَعَثَ نَبيًّا إِلَّا آتاهُ مِنَ الْآيَاتِ مَا يُؤْمِنُ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ"(١).
ومَعنَى "مِثله": أي مثل الآيات التي جاء بها، عدَدًا وكَيْفيةً؛ على مِثله يُؤمِن البَشَر، بحَسب الذي أُرسِل إليهم. يَعنِي: مَعناها أنَّ الآياتِ التي يَأتِي بها الرُّسُل
(١) أخرجه البخاري: كتاب الاعتصام، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت بجوامع الكلم"، رقم (٧٢٧٤)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس، رقم (١٥٢)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.