وقوله:{لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} يَعنِي: أنتُمُ الآنَ مالِكون، وتَأمَّل أيضًا حُسْن هذا الخِطابِ والتَّحرُّز، {لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}، يَعنِي: والمُستَقبَل لا يُعلَم، قد يَزول مُلكُكم، لكن اليومَ أنتُمْ في نِعْمة، غالِبين في الأرض، ظاهِرين على أهلِها، فيَجِب أن تَشكُروا هذه النِّعمةَ.
وقوله:{فِي الْأَرْضِ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أرض مِصرَ] وعلى هذا فـ (أل) في الأرض للعَهْد الذِّهْنِي؛ أي: الأَرْض المَعهودة أَرْضكم.
وقوله:{فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [عذابِه إن قَتَلْتم أولياءَه]{إِنْ جَاءَنَا}{فَمَنْ يَنْصُرُنَا}(مَن) هذه استِفْهام بمَعنى النَّفيِ، أي: لا أحَدَ يَنْصُرنا، والنَّصر هنا بمعنى المَنعْ؛ أي: فما الَّذي يَمنَعنا من بأسِ الله، والبَأْس هو العَذاب. وقوله:{إِنْ جَاءَنَا} يَعنِي: إن نزَل بنا، فهل أحَدٌ يَنصُرنا، حتى لو كُنَّا اليومَ ظاهِرين في الأرض، وكُنَّا مُلوكًا فإنه إذا نزَل بنا بَأْس الله فلا أَحَدَ يَمنَعنا.
وقول المفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[إن قتَلْتُم أَوْلياءَه] قد يُقال: إن هذا الذي عيَّنه المفَسِّر يَدُلُّ عليه السِّياق، لأنه أَنكَر عليهم أن يَقتُلوا موسى، وقد يُقال: إن المُراد إن بَقِيتُم على الكُفْر والعُدوان ومنه قَتْل مُوسى، وهذا أَصَحُّ وأعَمُّ. يَعنِي: ما الذي يَنصُرنا من بَأْسِ الله إن جاءَنا؟ لكوننا مُستَحِقِّين لهذا العَذابِ بالكُفْر وقَتْل أَوْليائِه.
قال فِرعونُ مجُيبًا لهذا الرجُلِ:{مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} أَكذَبُ قولٍ في الأرض هو هذا، {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى} يَعنِي: ما أُظهِر لكم شيئًا حتى تَرَوْه إلَّا ما أَرى، إلَّا ما أَرَى أنه الحقُّ، وهذه دَعْوة كاذِبة، لأنه يَعلَم أن الحَقَّ في اتِّباع موسى، كما قال له موسى:{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا}[الإسراء: ١٠٢] , وقال تعالى: