للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا (الله) فهو علَمٌ على الذات المُقدَّسة العَليَّة، وهو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، قال النَّحويُّون: "وهو أَعرَف المَعارِف" أَعرَف المَعارِف هو هذا العَلَمُ، وقد رتَّبوا المَعارِف بأن أَعرَفَها: الضميرُ، ثُمَّ الأَعلامُ، لكن هذا العَلَم هو أَعرَفها، إذ لا تُحتَمَل المشاركة فيه، وغيره من المَعارِف يُمكِن المُشارَكة فيه.

وأمَّا قوله: {الرَّحْمَنِ} فهو اسمٌ من أسماء الله دالّ على الرحمة الواسِعة؛ و {الرَّحِيمِ} اسمٌ من أسماء الله دالّ على الرحمة التي تَقَع بالفِعْل، فالرحمن للوَصْف، والرحيم للفِعْل، يَعنِي: أنه رَحْمن يَرحَم، وبذلك تَبيَّن فائِدة الجمع بينهما، فإن فائِدة الجمْع بينهما هو الدَّلالة على أن رحمة الله واسِعة، وذلك في قوله: {الرَّحْمَنِ}؛ لأنَّ فَعْلان يَدُلُّ على الامتِلاء والسَّعة، كما تَقول: شَبْعان، ورَيَّان، وما أَشبَهَها، وأمَّا {الرَّحِيمِ} فهو باعتِبار الفِعْل، أي: إيصال الرَّحْمة إلى مَن قدَّر الله أن يَرحَمه.

والبَسْملة لها أَحْكام:

منها أنَّها تَكون أحيانًا شرْطًا في الحِلِّ؛ كالتَّسمية على الذبيحة، فإنَّ التَّسمية على الذبيحة شرْط لحِلِّها، حتى إنه لو ترَك التَّسمية ولو نِسيانًا لم تَحِلَّ الذَّبيحة.

وقد تَكُون واجِبةً لا شرْطًا كما في الوُضوء عند بعض العُلَماء، فإنَ التَّسمية في الوُضوء واجِبة، ولكنها ليسَتْ شرْطًا للصِّحة، إذ لو ترَكها نِسيانًا صحَّ وُضوؤُه، وقد تَكون مُستحَبَّة في كل أَمْر ذي شأن، كما جاء في الحديث: "كُلُّ أَمْرٍ ذِي شَاْنٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ الله فَهُوَ أَبْتَرُ" أو: "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ - يَعنِي: ذي شَأْن مُهِمٍّ - لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ الله فَهُوَ أَبْتَرُ" (١)، أي: مَنزوع البرَكة.


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٣٥٩)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: "بذكر الله".

<<  <   >  >>