الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن هَؤلاءِ الكُفَّارَ أَدلَوْا بمعروف للمَتبوعين، وهم أنهم كانوا لهم تَبَعًا؛ ليَتوَسَّلوا به إلى أن يَأخُذوا عنهم نَصيبًا من النار، ففيه دليلٌ على تَوسُّل الإنسان بجَميل عطائه على الغير، ولكن هل يُعَدُّ هذا من المِنَّة؟
الجواب: الواقِع أن الذي يُبيِّن أنه تَوسُّل أو مِنَّة هو القَرائِن، قد يكون هذا مِنَّة، وقد يَكون هذا تَوسُّلًا مِثلما رَحِمْتك وأَعطَيْتك وأَحسَنت إليك فأَحسِنْ إليَّ، فيَكون هذا من باب التَّوسّل.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الضُّعفاء دائِمًا يَكونون أتباعًا للأقوياء؛ لقوله:{فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}[غافر: ٤٧]؛ ولهذا يتبَيَّن لنا الآنَ أن تَقليد المُسلِمين للكُفَّار يعنِي: ضَعفهم أمامهم؛ لأن الضَّعيف دائِما يُقلِّد القويَّ؛ لضَعف شَخصيته أمامه، وأنه يَجِب على المُسلِمين أن يَكون لهم مَيْزة خاصَّة، وأن يَكون لهم قوَّة ذاتية؛ لأن القُوَّة معهم، هم أهل الدِّين، هم أهل الحَقِّ، وهم الذين عرَفوا الحياة، وهم أهل الحياة في الواقِع.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن هَؤلاءِ الأتباعَ يَتمنَّوْن أن يَأخُذ المَتبوعين نَصيبًا، ولو قليلًا من عَذاب النار عنهم، والدليلُ أنه يُريدون ولو قليلًا قولهم:{نَصِيبًا}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن المُستكبِرين يَعتَذِرون بأنه لا طاقةَ لهم في ذلك؛ لأن الجَميع في نار جَهنَّمَ فكيف يَأخُذون نصيبًا عنهم، نعَمْ لو كانوا ليسوا في نار جَهنَّمَ ثُم يَسقُطون في النار من أَجْل أن يُغنُوا عن هَؤلاءِ نَصيبًا لأَمكَن، لكن ما دام الجميعُ في النار فإن طلَبَ تَحقيق ذلك طلَبُ شيء مُستَحيل.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: بَيان خُنوع هؤلاءِ المُستكْبِرين يوم القِيامة، لقولهم:{إِنَّا كُلٌّ فِيهَا} يَعنِي: الآنَ ليس لنا فَضْل عليكم وليس لكم فَضْل علينا كلٌّ في نار جَهنَّمَ.