للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائِل: ما رأيُكم فيما ذهَب إليه شيخُ الإسلام؟

فالجوابُ: هذا رَأْي قُوِيٌّ لا شَكَّ، يَعنِي: ما ذهَب إليه شيخ الإسلام مُؤيَّد بالحديث "أَنْتُمْ شُهَدَاءُ الله فِي الْأَرْضِ" (١) وإذا كانَتِ الأُمَّة - أو غالب الأُمَّة - أَجمَعوا على ذلك، فهو كافٍ، لولا أنه يُخشَى من مسألة، وهو أنه يَأتينا أهل الفِرَق الضالَّة وَيقولون: نحنُ مجُمِعون على الشَّهادة لفُلان بكذا وكذا. وهو رَأْس بِدْعة، وهم يَدَّعون أنهم أَهْل حَقٍّ، لكن يُمكِن الانفِكاك عن هذا الإيرادِ، بأن نَقول: هَؤلاءِ لا تُقبَل شهادَتُهم؛ لأنَّهم على باطِل وعلى ضَلال، والمُراد شَهادة أهل الحَقِّ.

فـ"كلُّ الصَّحابة في الجنَّة" على سَبيل العُموم، قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: ١٠].

مسألة: إذا قال قائل: إذا قُتِل المُسلِم في المَعرَكة قُلْنا: إنَّنا نَحسَبه شَهيدًا ولا نُزكِّي على الله أحَدًا؟

فالجَوابُ: لا تَقُل: أَحسَبه شَهيدًا. قُلْ: مَن قُتِل في سبيل الله فهو شَهيد، كما قال عُمرُ - رضي الله عنه -، عُمرُ خطَب الناس قال: إنَّكم تَقولون: فُلان شَهيدٌ، وفُلان شَهيدٌ. ورُبَّما يَكون فعَل كذا وكذا، ولكن قولوا: مَن قُتِل - أو مات - في سَبيل الله فهو شَهيد (٢).


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجنائز، باب ثناء الناس على الميت، رقم (١٣٦٧)، ومسلم: كتاب الجنائز، باب فيمن يثنى عليه خيرًا أو شرًّا من الموتى، رقم (٩٤٩)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه، كتاب النكاح، باب ما جاء في الصداق، رقم (٥٩٥، ٥٩٦). وأخرجه الإمام أحمد (١/ ٤٠ - ٤١)، والنسائي: كتاب النكاح، باب القسط في الأصدقة، رقم (٣٣٤٩)، ولفظه عندهما: "فهو في الجنة".

<<  <   >  >>