للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وهُوَ المُحسِن] يَعنِي: أن الذي آمَن وعمِل الصالحِاتِ محُسِن؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الْإحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ الله كَأنَّكَ ترَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ترَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ" (١).

وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} {آمَنُوا} بالقَلْب {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} بالجَوارِح، وذلك أن الإيمان مَتى وقَر في القَلْب صدَّقَتْه الأَعْمال، وقوله: {الصَّالِحَاتِ} وَصْف لمَوْصوف مَحذوف، والتَّقدير: الأَعْمال الصالحِات، والعمَل الصالِح ما اجتَمَع فيه أَمْران:

الأوَّل: الإِخْلاص لله عَزَّ وَجَلَّ.

والثاني: المُتابَعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فبفَقْد الأَوَّل يَكون الشِّرْك، وبفَقْد الثاني تَكون البِدْعة، والله عَزَّ وَجَلَّ لا يَقبَل عَمَلًا أُشرِك فيه معَه غيرُه، ولا يَقبَل بِدْعة ابتَدَعها أَحَد في دِينه.

قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالى في الحَديث القُدسيِّ: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ" (٢) وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (٣).

إِذَنْ: فلا بُدَّ من إخلاص لا شِرْكَ معه، ومُتابَعةٍ لا ابتِداعَ معَها، وبذلِك يَكون العمَل صالِحًا.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان، رقم (٥٠)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب معرفة الإيمان، رقم (٩)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (٢٩٨٥)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، رقم (١٧١٨)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>